Sitemap: http://example.com/sitemap_location.xml https://alnukhbhtattalak.blogspot.com/2017/09/blog-post_76.html/

Translate

الخميس، 18 أبريل 2019

1 غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم وسراياه

بسم الله الرحمن الرحيم 

ذكر عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسراياه وأسمائها وتواريخها وجمل ما كان في كل غزاة وسرية منها.
 أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن ابن سعيد بن يربوع المخزومي، وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، ومحمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري، وموسى بن يعقوب ابن عبد الله بن وهب بن ربيعة بن الأسود، وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن ابن المسور بن مخرمة الزهري، ويحيى بن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، وربيعة بن عثمان بن عبد الله بن الهدير التيمي، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، وعبد الحميد بن جعفر الحكمي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومحمد بن صالح التمار قال محمد بن سعد: وأخبرني رؤيم بن يزيد المقري قال: أخبرنا هارون بن أبي عيسى عن محمد بن إسحاق، وأخبرني حسين بن محمد عن أبي معشر، وأخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة، دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: كان عدد مغازي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التي غزا بنفسه سبعاً وعشرين غزوة، وكانت سراياه التي بعث بها سبعاً وأربعين سرية، وكان ما قاتل فيه من المغازي تسع غزوات: بدر القتال وأحد والمريسع والخندق وقريظة وخيبر وفتح مكة وحنين والطائف، فهذا ما اجتمع لنا عليه. وفي بعض روايتهم: أنه قاتل في بني النضير ولكن الله جعلها له نفلاً خاصة، وقاتل في غزوة وادي القرى منصرفه من خيبر وقتل بعض أصحابه، وقاتل في الغابة. قالوا: وقدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة، حين هاجر من مكة، يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وهو المجتمع عليه، وقد روى بعضهم: أنه قدم لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، فكان أول لواء عقده رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحمزة بن عبد المطلب ابن هاشم في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لواء أبيض، فكان الذي حمله أبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب، وبعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ثلاثين رجلاً من المهاجرين. قال بعضهم: كانوا شطرين من المهاجرين والأنصار، والمجتمع عليه أنهم كانوا جميعاً من المهاجرين، ولم يبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحداً من الأنصار مبعثاً حتى غزا بهم بدراً، وذلك أنهم شرطوا له أنهم يمنعونه في دارهم، وهذا الثبت عندنا. وخرج حمزة يعترض لعير قريش قد جاءت من الشأم تريد مكة، وفيها أبو جهل بن هشام، في ثلثمائة رجل، فبلغوا سيف البحر، يعني ساحله، من ناحية العيص، فالتقوا حتى اصطفوا للقتال فمشى مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للفريقين جميعاً، إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم ولم يقتتلوا، فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة بن عبد المطلب في أصحابه إلى المدينة.

2 ثم سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف إلى بطن رابغ في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عقد له لواء أبيض كان الذي حمله مسطح بن أثاثة بن المطلب بن عبد مناف، بعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ستين رجلاً من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، فلقي أبا سفيان بن حرب، وهو في مائتين من أصحابه، وهو على ماء يقال له أحياء من بطن رابغ على عشرة أميال من الجحفة، وأنت تريد قديداً عن يسار الطريق، وإنما نكبوا عن الطريق ليرعوا ركابهم، فكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال، وإنما كانت بينهم المناوشة، إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رمي يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمي به في الاسلام، ثم انصرف الفريقان على حاميتهم. وفي رواية ابن إسحاق: أنه كان على القوم عكرمة بن أبي جهل.
3
ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة أشهر من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عقد له لواء أبيض حمله المقداد بن عمرو البهراني، وبعثه في عشرين رجلاً من المهاجرين يعترض لعير قريش تمر به، وعهد إليه أن لا يجاوز الخرار، والخرار حين تروح من الجحفة إلى مكة أبار عن يسار المحجة قريب من خم، قال سعد: فخرجنا على أقدامنا فكنا نكمن النهار ونسير الليل حتى صبحناها صبح خمس، فنجد العير قد مرت بالأمس فانصرفنا إلى المدينة.
4
ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الأبواء في صفر على رأس اثني عشر شهراً من مهاجره، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة، وخرج في المهاجرين، ليس فيهم أنصاري، حتى بلغ الأبواء يعترض لعير قريش فلم يلق كيداً، وهي غزوة ودان، وكلاهما قد ورد، وبينهما ستة أميال وهي أول غزوة غزاها بنفسه. وفي هذه الغزوة وادع مخشي بن عمرو الضمري، وكان سيدهم في زمانه، على أن لا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه، ولا يكثروا عليه جمعاً، ولا يعينوا عدواً، وكتب بينه وبينهم كتاباً. وضمرة من بني كنانة. ثم انصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة. أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، أخبرنا كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال: غزونا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أول غزوة غزاها الأبواء. غزوة بواط ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بواط في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهراً من مهاجره، وحمل لواءه سعد بن أبي وقاص، وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة سعد بن معاذ، وخرج في مائتين من أصحابه يعترض لعير قريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمائة بعير، فبلغ بواط، وهي جبال من جبال جهينة من ناحية رضوى، وهي قريب من ذي خشب مما يلي طريق الشأم، وبين بواط والمدينة نحو من أربعة برد، فلم يلق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كيداً فرجع إلى المدينة.
5
غزوة طلب كرز بن جابر الفهري ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لطلب كرز بن جابر الفهري في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهراً من مهاجره، وحمل لواءه علي بن أبي طالب، وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة، وكان كرز بن جابر قد أغار على سرح المدينة فاستقاه، وكان يرعى بالجماء والسرح ما رعوا من نعمهم، والجماء جبل ناحية العقيق إلى الجرف، بينه وبين المدينة ثلاثة أميال، فطلبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم حتى بلغ وادياً يقال له سفوان من ناحية بدر، وفاته كرز بن جابر فلم يلحقه، فرجع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة.
6
غزوة ذي العشيرة ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ذا العشيرة في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهراً من مهاجره، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، وكان لواء أبيض، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وخرج في خمسين ومائة، ويقال في مائتين من المهاجرين ممن انتدب، ولم يكره أحداً على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بعيراً يعتقبونها، خرج يعترض لعير قريش حية أبدأت إلى الشأم، وكان قد جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها أموال قريش، فبلغ ذا العشيرة، وهي لبني مدلج بناحية ينبع، وبين ينبع والمدينة تسع برد، فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيام، وهي العير التي خرج لها أيضاً يريدها حين رجعت من الشأم فساحلت على البحر، وبلغ قريشاً خبرها فخرجوا يمنعونها، فلقوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ببدر فواقعهم وقتل منهم من قتل، وبذي العشيرة كنى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب أبا تراب. وذلك أنه رآه نائماً متمرغاً في البوغاء فقال: اجلس، أبا تراب ! فجلس. وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً.
.............................
7
سرية عبد الله بن جحش الازدي ثم سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة، في رجب على رأس سبعة عشر شهراً من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعثه في اثني عشر رجلاً من المهاجرين، كل اثنين يعتقبان بعيراً إلى بطن نخلة، وهو بستان ابن عامر الذي قرب مكة، وأمره أن يرصد بها عير قريش، فوردت عليه، فهابهم أهل العير وأنكروا أمرهم، فحلق عكاشة بن محصن الأسدي رأسه، حلقه عامر ابن ربيعة ليطمئن القوم، فأمنوا وقالوا: هم عمار لا بأس عليكم منهم، فسرحوا ركابهم وصنعوا طعاماً وشكوا في ذلك اليوم أهو من الشهر الحرام أم لا ؟ ثم تشجعوا عليهم فقاتلوهم، فخرج واقد بن عبد الله التميمي يقدم المسلمين، فرمى عمرو بن الحضرمي فقتله، وشد المسلمون عليهم فاستأسر عثمان بن عبد الله ابن المغيرة والحكم بن كيسان وأعجزهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة، واستاقوا العير، وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا به من الطائف، فقدموا بذلك كله على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فوقفه وحبس الأسيرين، وكان الذي أسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو، فدعاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الإسلام فأسلم وقتل ببئر معونة شهيداً. وكان سعد بن أبي وقاص زميل عتبة بن غزوان على بعير لعتبة في هذه السرية، فضل البعير بحران، وهي ناحية معدن بني سليم، فأقاما عليه يومين يبغيانه، ومضى أصحابهم إلى نخلة فلم يشهدها سعد وعتبة، وقدما المدينة بعدهم بأيام، ويقال: إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم وقسم بين أصحابه سائر الغنائم، فكان أول خمس خمس في الإسلام. ويقال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقف غنائم نخلة حتى رجع من بدر، فقسمها مع غنائم بدر وأعطى كل قوم حقهم، وفي هذه السرية سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين.
8
غزوة بدر ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بدر القتال، ويقال: بدر الكبرى؛ قالوا: لما تحين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، انصراف العير من الشأم التي كان خرج لها يريدها حتى بلغ ذا العشيرة، بعث طلحة بن عبيد الله التيمي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يتحسسان خبر العير، فبلغا التجبار من أرض الحوراء، فنزلا على كشد الجهني، فأجارهما وأنزلهما وكتم عليهما حتى مرت العير، ثم خرجا وخرج معهما كشد خفيراً حتى أوردهما ذا المروة، وساحلت العير وأسرعت، فساروا بالليل والنهار فرقاً من الطلب، فقدم طلحة وسعيد المدينة ليخبرا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خبر العير، فوجداه قد خرج، وكان قد ندب المسلمين للخروج معه وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم لعل الله أن يغنمكوموها؛ فأسرع من أسرع إلى ذلك وأبطأ عنه بشر كثير. وكان من تخلف لم يلم لأنهم لم يخرجوا على قتال إنما خرجوا للعير، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجره، وذلك بعدما وجه طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعشر ليال، وخرج من خرج معه من المهاجرين، وخرجت مع الأنصار في هذه الغزاة، ولم يكن غزا بأحد منهم قبل ذلك، وضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عسكره ببئر أبي عنبة، وهي على ميل من المدينة، فعرض أصحابه ورد من استصغر، وخرج في ثلثمائة رجل وخمسة نفر، كان المهاجرون منهم أربعة وسبعين رجلاً، وسائرهم من الأنصار، وثمانية تخلفوا لعلة، ضرب لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بسهامهم وأجورهم ثلاثة من المهاجرين: عثمان بن عفان خلفه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على امرأته رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت، وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعثهما يتحسسان خبر العير، وخمسة من الأنصار: أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه على المدينة، وعاصم بن عدي العجلاني خلفه على أهل العالية، والحارث بن حاطب العمري رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم، والحارث بن الصمة كسر بالروحاء، وخوات بن جبير كسر أيضاً، فهؤلاء يمانية لا اختلاف فيهم عندنا، وكلهم مستوجب. وكانت الإبل سبعين بعيراً يتعاقب النفر البعير، وكانت الخيل فرسين: فرس للمقداد بن عمرو، وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي. وقدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمامه عينين له إلى المشركين يأتيانه بخبر عدوه وهما: بسبس بن عمرو، وعدي ابن أبي الزغباء، وهما من جهينة حليفان للأنصار، فانتهيا إلى ماء بدر فعلما الخبر ورجعا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان بلغ المشركين بالشأم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يرصد انصرافهم فبعثوا ضمضم بن عمرو حين فصلوا من الشأم إلى قريش بمكة يخبرونهم بما بلغهم عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويأمرونهم أن يخرجوا فيمنعوا عيرهم، فخرج المشركون من أهل مكة سراعاً، ومعهم القيان والدفوف، وأقبل أبو سفيان بن حرب بالعير، وقد خافوا خوفاً شديداً حين دنوا من المدينة، واستبطؤوا ضمضماً والنفير حتى ورد بدراً، وهو خائف من الرصد، فقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست أحداً من عيون محمد ؟ فإنه، والله، ما بمكة من قرشي ولا قرشية له نش فصاعداً إلا قد بعث به معنا. فقال مجدي: والله ما رأيت أحداً أنكره إلا راكبين أتيا إلى هذا المكان، وأشار له إلى مناخ عدي وبسبس، فجاء أبو سفيان فأخذ أبعاراً من بعيريهما ففته، فإذا فيه نوى فقال: علائف يثرب هذه عيون محمد، فضرب وجوه العير فساحل بها وترك بدراً يساراً وانطلق سريعاً، وأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان بن حرب قيس ابن امرىء القيس يخبرهم أنه قد أحرز العير ويأمرهم بالرجوع، فأبت قريش أن ترجع وردوا القيان من الجحفة، ولحق الرسول أبا سفيان بالهدة، وهي على سبعة أميال من عسفان إذا رحت من مكة عن يسار الطريق، وسكانها بنو ضمرة وناس من خزاعة، فأخبره بمضي قريش فقال: واقوماه ! هذا عمل عمرو بن هشام، يعني أبا جهل بن هشام، وقال: والله لا نبرح حتى نرد بدراً، وكانت بدر موسماً من مواسم الجاهلية يجتمع بها العرب، بها سوق، وبين بدر والمدينة ثمانية برد وميلان، وكان الطريق الذي سلكه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بدر على الروحاء وبين الروحاء والمدينة أربعة أيام، ثم بريد بالمنصرف، ثم بريد بذات أجذال، ثم بريد بالمعلاة، وهي خيف السلم، ثم بريد بالأثيل ثم ميلان إلى بدر. وكانت قريش قد أرسلت فرات ابن حيان العجلي، وكان مقيماً بمكة حين فصلت قريش من مكة، إلى أبي سفيان يخبره بمسيرها وفصولها، فخالف أبا سفيان في الطريق فوافى المشركين بالجحفة، فمضى معهم فجرح يوم بدر جراحات وهرب على قدميه، ورجعت بنو زهرة من الجحفة، أشار عليهم بذلك الأخنس بن شريف الثقفي، وكان حليفاً لهم، وكان فيهم مطاعاً، وكان اسمه أبي. فلما رجع ببني زهرة قيل: خنس بهم، فسمي الأخنس، وكان بنو زهرة يومئذ مائة رجل، وقال بعضهم: بل كانوا ثلثمائة رجل. وكانت بنو عدي بن كعب مع النفير، فلما بلغوا ثنية لفت عدلوا في السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان بن حرب فقال: يا بني عدي، كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير ؟ فقالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. ويقال: بل لقيهم بمر الظهران، فلم يشهد بدراً من المشركين أحد من بني زهرة ولا من بني عدي، ومضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش، فأخبر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصحابه واستشارهم، فقال المقداد بن عمرو البهراني: والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه. ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي، وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا ؟ قال: أجل. قال: فامض يا نبي الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل واحد. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سيروا على بركة الله، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم. وعقد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الألوية، وكان لواء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ، وجعل رسول لله، صلى الله عليه وسلم، شعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله، وشعار الأوس: يا بني عبيد الله، ويقال: بل كان شعار المسلمين جميعاً يومئذ: يا منصور أمت.ي، كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير ؟ فقالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. ويقال: بل لقيهم بمر الظهران، فلم يشهد بدراً من المشركين أحد من بني زهرة ولا من بني عدي، ومضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش، فأخبر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصحابه واستشارهم، فقال المقداد بن عمرو البهراني: والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه. ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي، وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا ؟ قال: أجل. قال: فامض يا نبي الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل واحد. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سيروا على بركة الله، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم. وعقد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الألوية، وكان لواء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ، وجعل رسول لله، صلى الله عليه وسلم، شعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله، وشعار الأوس: يا بني عبيد الله، ويقال: بل كان شعار المسلمين جميعاً يومئذ: يا منصور أمت. وكان مع المشركين ثلاثة ألوية: لواء مع أبي عزيز بن عمير، ولواء مع النضر بن الحارث، ولواء مع طلحة بن أبي طلحة، وكلهم من بني عبد الدار، ونزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أدنى بدر عشاء ليلة جمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان، فبعث علياً والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس ابن عمرو يتحسسون خبر المشركين على الماء، فوجدوا روايا قريش فيها سقاؤهم، فأخذوهم. وبلغ قريشاً خبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أخذ سقاءهم، فمج العسكر وأتي بالسقاء إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: أين قريش ؟ فقالوا: خلف هذا الكثيب الذي ترى. قال: كم هي ؟ قالوا: كثير. قال: كم عددهم ؟ قالوا: لا ندري. قال: كم ينحرون ؟ قالوا: يوماً عشراً ويوماً تسعاً. فقال، صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين الألف والتسعمائة. فكانوا تسعمائة وخمسين إنساناً، وكانت خيلهم مائة فرس. وقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله، إن هذا المكان الذي أنت به ليس بمنزل، انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم فإني عالم بها وبقلبها، بها قليب قد عرفت عذوبة مائه لا ينزح، ثم نبني عليه حوضاً فنشرب ونقاتل ونعور ما سواه من القلب. فنزل جبريل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: الرأي ما أشار به الحباب. فنهض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ففعل ذلك، فكان الوادي دهساً، فبعث الله، تبارك وتعالى، السماء فلبدت الوادي ولم يمنع المسلمين من المسير، وأصاب المشركين من المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه، وإنما بينهم قوز من الرمل، وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس، وبني لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، عريش من جريد فدخله النبي وأبو بكر الصديق، وقام سعد بن معاذ على باب العريش متوشحاً بالسيف، فلما أصبح صف أصحابه قبل أن تنزل قريش، وطلعت قريش ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصفف أصحابه ويعدلهم كأنما يقوم بهم القدح، ومعه يومئذ قدح يشير به إلى هذا: تقدم، وإلى هذا: تأخر، حتى استووا، وجاءت ريح لم يروا مثلها شدةً، ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى، ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى، فكانت الأولى جبريل، عليه السلام، في ألف من الملائكة مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والثانية ميكائيل، عليه السلام، في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان سيماء الملائكة عمائم قد أخروها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر من نور، والصوف في نواصي خيلهم. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأصحابه: إن الملائكة قد سومت فسوموا، فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم، وكانت الملائكة يوم بدر على خيل بلق، قال: فلما اطمأن القوم بعث المشركون عمير بن وهب الجمحي، وكان صاحب قداح، فقالوا احزر لنا محمداً وأصحابه، فصوب في الوادي وصعد ثم رجع فقال: لا مدد لهم ولا كمين، القوم ثلثمائة إن زادوا زادوا قليلاً، ومعهم سبعون بعيراً وفرسان يا معشر قريش، البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلى سيوفهم، أما ترونهم خرساً لا يتكلمون، يتلمظون تلمظ الأفاعي ؟ والله ما أرى أن تقتل منهم رجلاً حتى يقتل منا رجل، فإذا أصابوا منكم عددهم فما خير في العيش بعد ذلك، فروا رأيكم. فتكلم حكيم بن حزام ومشى في الناس، وأتى شيبة وعتبة وكانا ذوي تقية في قومهما فأشاروا على الناس بالانصراف، وقال عتبة: لا تردوا نصيحتي ولا تسفهوا رأيي، فحسده أبو جهل حين سمع كلامه، فأفسد الرأي وحرش بين الناس، وأمر عامر بن الحضرمي أن ينشد أخاه عمراً، وكان قتل بنخلة، فكشف عامر وحثا على استه التراب وصاح: واعمراه ! يخزي بذلك عتبة لأنه حليفه من بين قريش. وجاء عمير بن وهب فناوش المسلمين فثبت المسلمون على صفهم ولم يزولوا، وشد عليهم عامر بن الحضرمي ونشبت الحرب، فكان أول من خرج من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب، فقتله عامر بن الحضرمي. وكان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة، ويقال: قتله حبان بن العرقة، ويقال: عمير بن الحمام، قتله خالد بن الأعلم العقيلي. ثم خرج شيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث، فكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يكون أول قتال لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار، وأحب أن تكون الشوكة ببني عمه وقومه، فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وقال لهم خيراً، ثم نادى المشركون: يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم يا بني هاشم ! قوموا قاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله. فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فمشوا إليه، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الدين وأسد رسوله فقال عتبة: كفؤ كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذان معك ؟ قال: علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، قال: كفآن كريمان. ثم قال لابنه: قم يا وليد، فقام إليه علي بن أبي طالب، فاختلفا ضربتين، فقتله علي، ثم قام عتبة وقام إليه حمزة، فاختلفا ضربتين، فقتله حمزة، ثم قام شيبة وقام إليه عبيدة بن الحارث، وهو يومئذ أسن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف، يعني طرفه، فأصاب عضلة ساقة فقطعها، فكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه، وفيهم نزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم. ونزلت فيهم سورة الأنفال أو عامتها: يوم نبطش البطشة الكبرى، يعني يوم بدر، وعذاب يوم عقيم وسيهزم الجمع ويولون الدبر؛ قال: فرأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أثرهم مصلتاً للسيف يتلو هذه الآية وأجاز على جريحهم وطلب مدبرهم واستشهد يومئذ من المسلمين أربعة عشر رجلاً: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، فيهم عبيدة بن الحارث ابن المطلب بن عبد مناف، وعمير بن أبي وقاص وعاقل بن أبي البكير، ومهجع مولى عمر بن الخطاب، وصفوان بن بيضاء، وسعد بن خيثمة، ومبشر بن عبد المنذر، وحارثة بن سراقة، وعوف ومعوذ ابنا عفراء، وعمير بن الحمام، ورافع بن معلى، ويزيد بن الحارث بن فسحم. وقتل من المشركين، يومئذ، سبعون رجلاً، وأسر منهم سبعون رجلاً. وكان في من قتل منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة بن عبد شمس، والوليد بن عتبة، والعاص ابن سعيد بن العاص، وأبو جهل بن هشام، وأبو البختري، وحنظلة بن أبي سفيان بن حرب، والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وطعيمة بن عدي، وزمعة بن الأسود بن المطلب ونوفل بن خويلد، وهو ابن العدوية، والنضر بن الحارث قتله صبراً بالأثيل، وعقبة بن أبي معيط قتله صبراً بالصفراء، والعاص بن هشام بن المغيرة خال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمية بن خلف، وعلي بن أمية بن خلف، ومنبه بن الحجاج، ومعبد بن وهب. وكان في الأسارى نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، وأبو العاص بن الربيع، وعدي بن الخيار، وأبو عزيز بن عمير، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وعبد الله بن أبي بن خلف، وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي الشاعر، ووهب بن عمير بن وهب الجمحي، وأبو وداعة بن ضبيرة السهمي، وسهيل بن عمرو العامري.ل لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار، وأحب أن تكون الشوكة ببني عمه وقومه، فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وقال لهم خيراً، ثم نادى المشركون: يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم يا بني هاشم ! قوموا قاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله. فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فمشوا إليه، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، وكان عليهم البيض، فقال حمزة: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الدين وأسد رسوله فقال عتبة: كفؤ كريم، وأنا أسد الحلفاء، من هذان معك ؟ قال: علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، قال: كفآن كريمان. ثم قال لابنه: قم يا وليد، فقام إليه علي بن أبي طالب، فاختلفا ضربتين، فقتله علي، ثم قام عتبة وقام إليه حمزة، فاختلفا ضربتين، فقتله حمزة، ثم قام شيبة وقام إليه عبيدة بن الحارث، وهو يومئذ أسن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف، يعني طرفه، فأصاب عضلة ساقة فقطعها، فكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه، وفيهم نزلت: هذان خصمان اختصموا في ربهم. ونزلت فيهم سورة الأنفال أو عامتها: يوم نبطش البطشة الكبرى، يعني يوم بدر، وعذاب يوم عقيم وسيهزم الجمع ويولون الدبر؛ قال: فرأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أثرهم مصلتاً للسيف يتلو هذه الآية وأجاز على جريحهم وطلب مدبرهم واستشهد يومئذ من المسلمين أربعة عشر رجلاً: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، فيهم عبيدة بن الحارث ابن المطلب بن عبد مناف، وعمير بن أبي وقاص وعاقل بن أبي البكير، ومهجع مولى عمر بن الخطاب، وصفوان بن بيضاء، وسعد بن خيثمة، ومبشر بن عبد المنذر، وحارثة بن سراقة، وعوف ومعوذ ابنا عفراء، وعمير بن الحمام، ورافع بن معلى، ويزيد بن الحارث بن فسحم. وقتل من المشركين، يومئذ، سبعون رجلاً، وأسر منهم سبعون رجلاً. وكان في من قتل منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة بن عبد شمس، والوليد بن عتبة، والعاص ابن سعيد بن العاص، وأبو جهل بن هشام، وأبو البختري، وحنظلة بن أبي سفيان بن حرب، والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وطعيمة بن عدي، وزمعة بن الأسود بن المطلب ونوفل بن خويلد، وهو ابن العدوية، والنضر بن الحارث قتله صبراً بالأثيل، وعقبة بن أبي معيط قتله صبراً بالصفراء، والعاص بن هشام بن المغيرة خال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمية بن خلف، وعلي بن أمية بن خلف، ومنبه بن الحجاج، ومعبد بن وهب. وكان في الأسارى نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، وأبو العاص بن الربيع، وعدي بن الخيار، وأبو عزيز بن عمير، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وعبد الله بن أبي بن خلف، وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي الشاعر، ووهب بن عمير بن وهب الجمحي، وأبو وداعة بن ضبيرة السهمي، وسهيل بن عمرو العامري. وكان فداء الأسارى كل رجل منهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألف إلا قوماً لا مال لهم، من عليهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منهم أبو عزة الجمحي، وغنم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما أصاب منهم، واستعمل على الغنائم عبد الله بن كعب المازني من الأنصار، وقسمها رسول الله بسير شعب بالصفراء، وهي من المدينة على ثلاث ليال قواصد، وتنفل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سيفاً ذا الفقار، وكان لمنبه بن الحجاج، فكان صفيه يومئذ. وسلم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الغنيمة كلها للمسلمين الذين حضروا بدراً وللثمانية النفر الذين تخلفوا بإذنه، فضرب لهم بسهامهم وأجورهم، وأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سهمه مع المسلمين، وفيه جمل أبي جهل، وكان مهرياً، فكان يغزو عليه ويضرب في لقاحه. وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة بشيراً إلى المدينة يخبرهم بسلامة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمسلمين وخبر بدر وما أظفر الله به رسوله وغنمه منهم، وبعث إلى أهل العالية عبد الله ابن رواحة بمثل ذلك، والعالية قباء وخطمة ووائل وواقف وبنو أمية بن زيد وقريظة والنضير، فقدم زيد بن حارثة المدينة حين سوى على رقية بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، التراب بالبقيع. وكان أول الناس إلى أهل مكة بمصاب أهل بدر وبهزيمتهم الحيسمان بن حابس الخزاعي، وكانت وقعة بدر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. أخبرنا وكيع عن سفيان وإسرائيل وأبيه عن أبي إسحاق عن البراء، وأخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: كانت عدة أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر ثلثمائة وبضعة عشر، وكانوا يرون أنهم على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت الذين جازوا النهر. قال: وما جاز معه النهر يومئذ إلا مؤمن. أخبرنا وكيع بن الجراح عن ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أبي موسى قال: كان عدة أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت. أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، أخبرنا مسعر عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان عدة أهل بدر عدة أصحاب طالوت. أخبرنا عفان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي ووهب بن جرير بن حازم قالوا: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان المهاجرون يوم بدر نيفاً على ستين وكانت الأنصار نيفاً على أربعين ومائتين. أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب، أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن البراء قال: حدثني أصحاب محمد من شهد بدراً أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر بضعة عشر وثلثمائة؛ قال البراء: ولا والله ما جاز معه النهر إلا مؤمن. أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا هشام بن حسان حدثني محمد ابن سيرين، حدثني عبيدة قال: كان عدة أهل بدر ثلثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر، سبعون ومائتان من الأنصار، وبقيتهم من سائر الناس. أخبرنا نصر بن باب الخراساني عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أنه قال: كان أهل بدر ثلثمائة وثلاثة عشر، كان المهاجرون منهم ستةً وسبعين، وكانت هزيمة أهل بدر يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان. أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني حيي عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر بثلثمائة وخمسة عشر من المقاتلة، كما خرج طالوت، فدعا لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين خرجوا فقال: اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم. ففتح الله يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا، وما فيهم رجل إلا قد رجع بحمل أو حملين واكتسوا وشبعوا. أخبرنا الحكم بن موسى، أخبرنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر قال: شهد بدراً من الموالي بضعة عشر رجلاً، فقال مطر: لقد ضربوا فيهم بضربة صالحة. أخبرنا عفان بن مسلم وسعيد بن سليمان قالا: أخبرنا خالد بن عبد الله، أخبرني عمرو بن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عامر بن ربيعة البدري قال: كان يوم بدر يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان. أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا عمر بن شبة عن الزهري قال: سألت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن ليلة بدر فقال: ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان. أخبرنا خالد بن خداش، أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كانت بدر لسبع عشرة من رمضان يوم الجمعة. قال محمد بن سعد: وهذا الثبت أنه يوم الجمعة، وحديث يوم الاثنين شاذ. أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حبيبة عن ابن المسيب أنه سأله عن الصوم في السفر، فحدثه أن عمر بن الخطاب قال: غزونا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلمن في رمضان غزوتين: يوم بدر، ويوم الفتح، فأفطرنا فيهما. أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزا غزوة بدر في شهر رمضان فلم يصم يوماً حتى رجع إلى أهله. أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب: سمعت موسى بن طلحة يقول: سئل أبو أيوب عن يوم بدر فقال: إما لسبع عشرة خلت، أو لثلاث عشرة بقيت، أو لإحدى عشرة بقيت، أو لتسع عشرة خلت. أخبرنا يونس بن محمد المؤدب، أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، وكان أبو لبابة وعلي زميلي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كانت عقبة النبي قالا: اركب حتى نمشي عنك؛ فيقول: ما أنتما بأقوى على المشي مني وما أنا أغنى عن الأجر منكما. أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه قال: لما أسرنا القوم يوم بدر قلنا: كم كنتم ؟ قالوا: كنا ألفاً. أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال: أخذنا رجلاً منهم، يعني من المشركين، يوم بدر فسألناه عن عدتهم فقال: كنا ألفاً. أخبرنا هشيم بن بشير، أخبرنا مجالد عن الشعبي قال: كان فداء أسارى بدر أربعة آلاف إلى ما دون ذلك، فمن لم يكن عنده شيء أمر أن يعلم غلمان الأنصار الكتابة. أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر قال: أسر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر سبعين أسيراً، وكان يفادي بهم على قدر أموالهم، وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشر غلمان من غلمان المدينة فعلمهم، فإذ حذقوا فهو فداؤه. أخبرنا محمد بن الصباح، أخبرنا شريك عن قريش عن عامر قال: كان فداء أهل بدر أربعين أوقية أربعين أوقية، فمن لم يكن عنده علم عشرة من المسلمين الكتابة، فكان زيد بن ثابت ممن علم. أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا هشام بن حسان، أخبرنا محمد بن سيرين عن عبيدة: أن جبريل نزل على النبي، صلى الله عليه وسلم، في أسارى بدر فقال: إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم أخذتم منهم الفداء واستشهد قابل منكم سبعون؛ قال: فنادى النبي، صلى الله عليه وسلم، في أصحابه فجاؤوا أو من جاء منهم فقال: هذا جبريل يخيركم بين أن تقدموهم فتقتلوهم وبين أن تفادوهم واستشهد قابل منكم بعدتهم؛ فقالوا: بل نفاديهم فنتقوى به عليهم ويدخل قابل منا الجنة سبعون، ففادوهم. أخبرنا الحسن بن موسى، أخبرنا زهير، أخبرنا سماك بن حرب قال: سمعت عكرمة يقول: قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما فرغ من أهل بدر: عليك بالعير ليس دونها شيء؛ قال: فناداه العباس أنه لا يصلح ذلك لك؛ قال: لم ؟ قال: لأن الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين فقد أعطاك ما وعدك. أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث قال: أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنادى يوم بدر ألا إنه ليس لأحد من القوم عندي منة إلا لأبي البختري، فمن كان أخذه فليخل سبيله؛ وكان رسول الله قد آمنه قال: فوجد قد قتل. أخبرنا الحسن بن موسى، أخبرنا زهير، أخبرنا أبو إسحاق عن عمرو ابن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال: استقبل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البيت فدعا على نفر من قريش سبعة، فيهم أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط، فأقسم بالله لقد رأيتهم صرعى على بدر قد غيرتهم الشمس، وكان يوماً حاراً. أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة عن علي قال: لما كان يوم بدر وحضر البأس اتقينا برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان من أشد الناس بأساً يومئذ، وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه. أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال: لما كان يوم بدر برز عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج إليهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، فبرز شيبة لحمزة فقال له شيبة: من أنت ؟ فقال: أنا أسد الله وأسد رسوله ! قال: كفء كريم، فاختلفا ضربتين فقتله حمزة، ثم برز الوليد لعلي فقال: من أنت ؟ فقال: أنا عبد الله وأخو رسوله؛ فقتله علي، ثم برز عتبة لعبيدة بن الحارث فقال عتبة: من أنت ؟ قال: أنا الذي في الحلف، قال: كفء كريم؛ فاختلفا ضربتين أوهن كل منهما صاحبه فأجاز حمزة وعلي على عتبة. قال أبو عبد الله محمد بن سعد: والثبت على الحديث الأول أن حمزة قتل عتبة، وأن علياً قتل الوليد، وأن عبيدة بارز شيبة. أخبرنا حجين بن المثنى وقتيبة بن سعيد قالا: أخبرنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن رومان: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يكن معه يوم بدر إلا فرسان، فرس عليه المقداد بن عمرو حليف الأسود خال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفرس لمرثد ابن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب، وكان مع المشركين يومئذ مائة فرس. قال قتيبة في حديثه: كانت ثلاثة أفراس فرس عليه الزبير بن العوام. أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعث عدي بن أبي الزغباء وبسبس بن عمرو طليعة، يوم بدر، فأتيا الماء فسألا عن أبي سفيان فأخبرا بمكانه، فرجعا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله نزل ماء كذا يوم كذا، وننزل نحن ماء كذا يوم كذا، وينزل هو ماء كذا يوم كذا، وننزل نحن ماء كذا يوم كذا حتى نلتقي نحو وهو على الماء، قال: فجاء أبو سفيان حتى نزل ذلك الماء فسأل القوم: هل رأيتم من أحد ؟ قالوا: لا إلا رجلين، قال: أروني مناخ ركابهما، قال: فأروه، قال: فأخذ البعر ففته فإذا فيه النوى فقال: نواضح يثرب والله ! قال: فأخذ ساحل البحر وكتب إلى أهل مكة يخبرهم بمسير النبي، صلى الله عليه وسلم. أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: استشار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الناس، فقال سعد بن عبادة أو سعد بن معاذ: يا رسول الله سر إذا شئت وانزل حيث شئت وحارب من شئت وسالم من شئت، فوالذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها حتى تبلغ برك الغماد من ذي يمن تبعناك ما تخلف عنك منا أحد ! قال: وقال لهم يومئذ عتبة بن ربيعة: ارجعوا بوجوهكم هذه التي كأنها المصابيح عن هؤلاء الذين كأن وجوههم الحيات، فوالله لا تقتلونهم حتى يقتلوا منكم مثلهم فما خيركم بعد هذا ؟ قال: وكانوا يأكلون يومئذ تمراً، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ابتدروا جنة عرضها السموات والأرض، قال: وعمير بن الحمام في ناحية بيده تمر يأكله فقال: بخ بخ ! فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: مه ! قال: لن تعجز عني، ثم قال: لا أزيد عليكن حتى ألحق بالله، فجعل يأكل ثم قال: هيه حبستني ! ثم قذف ما في يده وقام إلى سيفه وهو معلق ملفوف بخرق، فأخذه ثم تقدم فقاتل حتى قتل، وكانوا يومئذ يميدون من النعاس ونزلوا على كثيب أهيل، قال: فمطرت السماء فصار مثل الصفا يسعون عليه سعياً، وأنزل الله، جل ثناؤه: " إذْ يُغشّيكُمُ النّعاسَ أمَنَةً مِنهُ ويُنَزّلُ علَيْكُمْ مِنَ السّماء ماء ليُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رجس الشّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ الأقْدَامَ " . قال: وقال عمر لما نزلت " سَيُهْزَمُ وَيُوَلّونَ الدُّبُرَ " قال: قلت وأي جمع يهزم ومن يغلب ؟ فلما كان يوم بدر نظرت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يثب في الدرع وثباً وهو يقول: " سَيُهزَمُ الجمعُ وَيُوَلّونَ الدُّبُرَ " ، فعلمت أن الله، تبارك وتعالى، سيهزمهم. أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: ونزلت هذه الآية: " واذْكرُوا إذْ أنْتُمْ قَليلٌ مُسْتَضْعَفونَ في الأرْض " ؛ قال: نزلت في يوم بدر، قال: ونزلت هذه الآية: " إذا لَقِيتُمُ الّذين كَفَرُوا زَحفاً فَلا تُوَلّوهُمُ الأدبارَ " ؛ قال: نزلت في يوم بدر. قال: ونزلت هذه الآية: " يَسْألونَكَ عن الأنْفالِ " ، يوم بدر. أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حماد بن زيد، أخبرنا أيوب ويزيد ابن حازم، أنهما سمعا عكرمة يقرأ: فَثَبّتُوا الّذين آمَنوا، قال حماد: وزاد أيوب قال: قال عكرمة: فاضربوا فوق الأعناق، قال: كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدري من ضربه وتندر يد الرجل لا يدري من ضربه. أخبرنا سليمان بن حرب، أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ: اطلبوا أبا جهل، فطلبوه فلم يوجد فقال: اطلبوه فإن عهدي به وركبته محوزة، فطلبوه فوجدوه وركبته محوزة. قال: وبلغ فداء أهل بدر يومئذ أربعة آلاف فما دون ذلك، حتى إن كان الرجل يحسن الخط ففودي على أن يعلم الخط. أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن ابن موهب، حدثني إسماعيل بن عون بن عبيد الله بن أبي رافع عن عبد الله ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه محمد بن عمر عن علي بن أبي طالب قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال ثم جئت مسرعاً إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، لأنظر ما فعل، فإذا هو ساجد يقول: يا حي يا قيوم ! يا حي يا قيوم ! لا يزيد عليهما، ثم رجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال، ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك، ففتح الله عليه. أخبرنا سعيد بن منصور، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: تنفل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سيفه ذا الفقار يوم بدر. أخبرنا عتاب بن زياد، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن الزبير قال: نزلت الملائكة يوم بدر عليهم عمائم صفر وكان على الزبير يوم بدر ريطة صفراء قد اعتجر بها. أخبرنا عتاب بن زياد بن المبارك، أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن عطية بن قيس قال: لما فرغ النبي، صلى الله عليه وسلم، من قتال أهل بدر أتاه جبريل على فرس أنثى حمراء عاقداً ناصيته، يعني جبريل عليه درعه ومعه رمحه قد عصم ثنيته الغبار، فقال: يا محمد إن الله، تبارك وتعالى، بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى، هل رضيت ؟ قال: نعم رضيت، فانصرف. أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا حماد بن زيد قال: سمعت أيوب عن عكرمة: إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى؛ قال: وكان هؤلاء على شفير الوادي وهؤلاء على الشفير الآخر قال: وهكذا قرأه عفان بالعدوة. أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، أخبرنا زهير، أخبرنا جابر عن عامر قال: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بدر فاستخلف على المدينة عمرو بن أم مكتوم. أخبرنا أبو المنذر البزاز، أخبرنا سفيان عن الزبير بن عدي عن عطاء بن أبي رباح: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلى على قتلى بدر. أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا زكرياء بن أبي زائدة عن عامر قال: سمعته يقول إن بدراً إنما كانت لرجل يدعى بدراً، قال: يعني ميراً. قال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر: وأصحابنا من أهل المدينة ومن روى السيرة يقولون: اسم الموضع بدر.
9
ثم سرية عمير بن عدي بن خرشة الخطمي إلى عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهراً من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت عصماء عند يزيد ابن زيد بن حصن الخطمي، وكانت تعيب الإسلام وتؤذي النبي وتحرض عليه وتقول الشعر، فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده، وكان ضرير البصر، ونحى الصبي عنها ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم صلى الصبح مع النبي، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أقتلت ابنة مروان ؟ قال: نعم، فهل علي في ذلك من شيء ؟ فقال: لا ينتطح فيها عنزان ! فكانت هذه الكلمة أول ما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسماه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عميراً البصير.
10
ثم سرية سلم بن عمير العمري إلى أبي عفك اليهودي في شوال على رأس عشرين شهراً من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان أبو عفك من بني عمرو بن عوف شيخاً كبيراً قد بلغ عشرين ومائة سنة، وكان يهودياً، وكان يحرض على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويقول الشعر، فقال سالم بن عمير، وهو أحد البكائين وقد شهد بدراً: علي نذر أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه؛ فأمهل يطلب له غرة حتى كانت ليلة صائفة، فنام أبو عفك بالفناء وعلم به سالم بن عمير، فأقبل فوضع السيف على كبده ثم اعتمد عليه حتى خش في الفراش، وصاح عدو الله، فثاب إليه ناس ممن هم على قوله فأدخلوه منزله وقبروه.
11
غزوة بني قينقاع ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بني قينقاع يوم السبت للنصف من شوال على رأس شعرين شهراً من مهاجره، وكانوا قوماً من يهود حلفاء لعبد الله بن أبي بن سلول، وكانوا أشجع يهود، وكانوا صاغة فوادعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما كانت وقعة بدر أظهروا البغي والحسد ونبذوا العهد والمرة، فأنزل الله، تبارك وتعالى، على نبيه: وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على حد سواء إن الله لا يحب الخائنين، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أنا أخاف بني قينقاع، فسار إليهم بهذه الآية. وكان الذي حمل لواءه يومئذ حمزة بن عبد المطلب، وكان لواء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبيض ولم يكن الرايات يومئذ، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر العمري ثم سار إليهم فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، فكانوا أول من عدر من اليهود وحاربوا وتحصنوا في حصنهم، فحاصرهم أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، فنزلوا على حكم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أموالهم وأن لهم النساء والذرية، فأمر بهم فكتفوا، واستعمل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على كتافهم المنذر بن قدامة السلمي من بني السلم، رهط سعد بن خيثمة، فكلم فيهم عبد الله بن أبي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وألح عليه فقال: خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم ! وتركهم من القتل وأمر بهم أن يجلوا من المدينة، وولى إخراجهم منها عبادة بن الصامت فلحقوا بأذرعات فما كان أقل بقاءهم بها، وأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من سلاحهم ثلاث قسي: قوساً تدعى الكتوم كسرت بأحد، وقوساً تدعى الروحاء، وقوساً تدعى البيضاء، وأخذ درعين من سلاحهم: درعاً يقال لها الصغدية وأخرى فضة، وثلاثة أسياف سيف قلعي وسيف يقال له بتار وسيف آخر، وثلاثة أرماح، ووجدوا في حصنهم سلاحاً كثيراً وآلة الصياغة فأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صفيه والخمس وفض أربعة أخماس على أصحابه، فكان أول خمس خمس بعد بدر، وكان الذي ولي قبض أموالهم محمد بن مسلمة.
12
غزوة السويق ثم غزوة النبي، صلى الله عليه وسلم، التي تدعى غزوة السويق. خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم الأحد لخمس خلون من ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهراً من مهاجره، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر العمري، وذلك أن أبا سفيان بن حرب لما رجع المشركون من بدر إلى مكة حرم الدهن حتى يثئر من محمد وأصحابه، فخرج في مائتي راكب، في حديث الزهري، وفي حديث ابن كعب في أربعين راكباً، فسلكوا النجدية فجاؤوا بني النضير ليلاً فطرقوا حيي بن أخطب ليستخبروه من أخبار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فأبى أن يفتح لهم، وطرقوا سلام بن مشكم ففتح لهم وقراهم وسقاهم خمراً وأخبرهم من أخبار رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فلما كان بالسحر خرج أبو سفيان بن حرب فمر بالعريض، وبينه وبين المدينة نحو من ثلاثة أميال، فقتل به رجلاً من الأنصار وأجيراً له وحرق أبياتاً هناك وتبناً، ورأى أن يمينه قد حلت ثم ولى هارباً، فبلغ ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فندب أصحابه وخرج في مائتي رجل من المهاجرين والأنصار في أثرهم يطلبهم، وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون فيلقون جرب السويق وهي عامة أزوادهم، فجعل المسلمون يأخذونه فسميت غزوة السويق ولم يلحقوهم، وانصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة وكان غاب خمسة أيام.
13
غزوة قرارة الكدر ويقال: قرارة الكدر. ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قرقرة الكدر، ويقال قرارة الكدر، للنصف من المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهراً من مهاجره، وهي بناحية معدن بني سليم قريب من الأرحضية وراء سد معونة، وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد وكان الذي حمل لواءه، صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم، فكان بلغه أن بهذا الموضع جمعاً من سليم وغطفان، فسار إليهم فلم يجد في المجال أحداً، وأرسل نفراً من أصحابه في أعلى الوادي واستقبلهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بطن الوادي فوجد رعاءً فيهم غلام يقال له يسار، فسأله عن الناس فقال: لا علم لي بهم إنما أورد لخمس وهذا يوم ربعي والناس قد ارتفعوا إلى المياه ونحن عزاب في النعم. فانصرف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد ظفر بالنعم فانحدر به إلى المدينة فاقتسموا غنائمهم بصرار، على ثلاثة أميال من المدينة، وكانت النعم خمسمائة بعير، فأخرج خمسة وقسم أربعة أخماس على المسلمين، فأصاب كل رجل منهم بعيران، وكانوا مائتي رجل، وصار يسار في سهم النبي، صلى الله عليه وسلم، فأعتقه؛ وذلك أنه رآه يصلي. وغاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خمس عشرة ليلة.
14
سرية قتل كعب بن الاشرف ثم سرية قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وذلك لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهراً من مهاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكان سبب قتله أنه كان رجلاً شاعراً يهجو النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ويحرض عليهم ويؤذيهم، فلما كانت وقعة بدر كبت وذل وقال: بطن الأرض خير من ظهرها اليوم، فخرج حتى قدم مكة فبكى قتلى قريش وحرضهم بالشعر، ثم قدم المدينة فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفني ابن الأشرف بما شئت في إعلانه الشر وقوله الأشعار، وقال أيضاً: من لي بابن الأشرف فقد آذاني ؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا به يا رسول الله وأنا أقتله، فقال: افعل وشاور سعد بن معاذ في أمره. واجتمع محمد بن مسلمة ونفر من الأوس منهم عباد بن بشر وأبو نائلة سلكان بن سلامة والحارث بن أوس بن معاذ وأبو عبس بن جبر فقالوا: يا رسول الله نحن نقتله فأذن لنا فلنقل؛ فقال: قولوا. وكان أبو نائلة أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة فخرج إليه، فأنكره كعب وذعر منه فقال: أنا أبو نائلة إنما جئت أخبرك أن قدوم هذا الرجل كان علينا من البلاء، حاربتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة ونحن نريد التنحي منه، ومعي رجال من قومي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعاماً وتمراً ونرهنك ما يكون لك فيه ثقة، فسكن إلى قوله وقال: جىء بهم متى شئت. فخرج من عنده على ميعاد فأتى أصحابه فأخبرهم، فأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا أمسى، ثم أتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبروه فمشى معهم حتى أتى البقيع ثم وجههم وقال: امضوا على بركة الله وعونه؛ قال: وفي ليلة مقمرة، فمضوا حتى انتهوا إلى حصنه، فهتف له أبو نائلة فوثب، فأخذت امرأته بملحفته وقالت: أين تذهب ؟ إنك رجل محارب ! وكان حديث عهد بعرس، قال: ميعاد علي وإنما هو أخي أبو نائلة، وضرب بيده الملحفة وقال: لو دعي الفتى لطعنة أجاب، ثم نزل إليهم فحادثوه ساعة حتى انبسط إليهم وأنس بهم، ثم أدخل أبو نائلة يده في شعره وأخذ بقرون رأسه وقال لأصحابه: اقتلوا عدو الله ! فضربوه بأسيافهم فالتفت عليه فلم تغن شيئاً ورد بعضها بعضاً ولصق بأبي نائلة؛ قال محمد بن مسلمة: فذكرت مغولاً كان في سيفي فانتزعته فوضعته في سرته ثم تحاملت عليه فقططته حتى انتهى إلى عانته، فصاح عدو الله صيحة ما بقي أطم من آطام يهود إلا أوقدت عليه نار؛ ثم حزوا رأسه وحملوه معهم، فلما بلغوا بقيع الغرقد كبروا وقد قام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة يصلي، فلما سمع تكبيرهم كبر وعرف أن قد قتلوه، ثم انتهوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلمن فقال: أفلحت الوجوه ! فقالوا: ووجهك يا رسول الله، ورموا برأسه بين يديه، فحمد الله على قتله، فلما أصبح قال: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه ! فخافت اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت ابن الأشرف. أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر بن راشد عن الزهري، في قوله تعالى: " وَلَتَسمعُنّ مِنَ الّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الّذينَ أشْركُوا أذىً كثِيراً " ؛ قال: هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه يعني في شعره، يهجو النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه. فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار فيهم محمد بن مسلمة ورجل آخر يقال له أبو عبس، فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم ذعر منهم وأنكر شأنهم، قالوا: جئناك في حاجة، قال: فليدن إلي بعضكم فليخبرني بحاجته، فجاءه رجل منهم فقالوا: جئناك لنبيعك أدراعاً عندنا لنستنفق بها، فقال: والله لئن فعلتم لقد جهدتم مذ نزل بكم هذا الرجل. فواعدوه أن يأتوه عشاء حين تهدأ عنهم الناس، فنادوه، فقالت امرأته: ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مما تحب ! قال: إنهم حدثوني بحديثهم وشأنهم. أخبرنا محمد بن حميد عن معمر عن أيوب عن عكرمة أنه أشرف عليهم فكلموه وقال: ما ترهنون عندي ؟ أترهنوني أبناءكم ؟ وأراد أن يسلفهم تمراً، قالوا: إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فقال هذا رهينة وسق وهذا رهينة وسقين ! قال: فترهنوني نساءكم ؟ قالوا: أنت أجمل الناس ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك لجمالك ؟ ولكنا نرهنك سلاحنا وقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم ! قال: نعم ائتوني بسلاحكم واحتملوا ما شئتم، قالوا: فانزل إلينا نأخذ عليك وتأخذ علينا، فذهب ينزل، فتعلقت به امرأته وقالت: أرسل إلى أمثالهم من قومك يكونوا معك، قال: لو وجدني هؤلاء نائماً ما أيقظوني، قالت: فكلمهم من فوق البيت، فأبى عليها فنزل إليهم تفوح ريحه فقالوا: ما هذه الريح يا فلان ؟ قال: عطر أم فلان لامرأته، فدنا بعضهم يشم رأسه ثم اعتنقه وقال: اقتلوا عدو الله ! فطعنه أبو عبس في خاصرته وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف فقتلوه، ثم رجعوا فأصبحت اليهود مذعورين، فجاؤوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قتل سيدنا غيلةً ! فذكرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، صنيعه وما كان يحض عليهم ويحرض في قتالهم ويؤذيهم، ثم دعاهم إلى أن يكتبوا بينه وبينهم صلحاً أحسبه. قال: وكان ذلك الكتاب مع علي، رضي الله عنه، بعد.
...........................................................
15
صلى الله عليه وسلم ثم غزوة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غطفان إلى نجد،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق